وصية المهلب بن أبي صفرة رحمه الله
لما حضرت المهلب بن أبي صفرة رحمه الله الوفاة قال لولده وأهله: أوصيكم بتقوى الله، وصلة الرحم: فإن تقوى الله تعقب الجنّة؛ وإن صلة الرّحم تنسىء الأجل، وتثري المال، وتجمع الشمل، وتكثر العدد وتعمر الديار، وتعز الجانب.
وأنهاكم عن معصية الله تعالى، فإن معصية الله تعقب النار؛ وإن قطيعة الرحم تورث الذلة والقلة، وتقل العدد، وتفرّق الجمع، وتذر الديار بلاقع، وتذهب المال، وتطمع العدو، وتبدي العورة.
يا بني، إني أحب للرجل منكم أن يكون لفعله الفضل على لسانه، وأكره للرجل منكم أن يكون للسانه الفضل على فعله.
يا بني، اتقوا الجواب، وزلة اللسان: فإني وجدت الرجل تعثر قدمه فيقوم من زلته وينتعش منها سويًا، ويزل لسانه فيوبقه ويكون فيه هلكته.
يا بني، ثيابكم على غيركم أجمل منها عليكم، ودوابكم تحت غيركم أجمل منها تحتكم.
يا بني، أحبوا المعروف، وأنكروا المنكر واجتنبوه؛ وآثروا الجود على البخل؛ واصطنعوا العرب وأكرموهم، فإن العربي تعده العدة فيموت دونك،ويشكر لك، فكيف بالصنيعة إذا وصلت إليه في احتماله لها وشكره، والوفاء منه لصاحبها؟
يا بني، وليكن أول ما تبدؤن به أنفسكم إذا أصبحتم تعلم القرآن والسنن، وأداء الفرائض؛ وتأدبوا بأدب الصالحين من قبلكم من سلفكم؛ ولا تقاعدوا أهل الدعارة والريبة، ولا تخالطوهم، ولا يطمعن في ذلك منكم.
وإياكم والخفة في مجالسكم وكثرة الكلام، فإنه لا يسلم منه صاحبه. وأدوا حق الله تعالى عليكم؛ فإني قد أبلغت إليكم في وصيتي، واتخذت الله حجة عليكم.
من كتاب : لباب الآداب
المؤلف:أسامة بن منقذ
أبو المظفر مؤيد الدولة مجد الدين أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني الكلبي الشيزري
584 هجرية
|